محمّد حجازي - المغنية المغربية كريمة الصقلي (أواسط الأربعينات) قدمت سهرة جميلة، راقية، ومحببة على خشبة قصر الأونيسكو مع 56 عازفاً من الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية بقيادة المايسترو المتمكن والساحر أندريه الحاج والذي بدا في صورة معادلة لـ كريمة على المسرح، فإذا به يتحرك بكليته، فيفعل، وتكون حركته منسجمة مع أجواء اللحن الذي يعزف.
ساعتان من الأغنيات طغت عليهما صورة واحدة، هي لأسمهان، فصوت كريمة قريب جداً من جميلة العينين ومدهشة الصوت، الهنك نفسه، الأنفاس ذاتها وقيمة الصوت واحدة، بما يعني أنها غنت، أسقينها، إيمتى حتعرف (محمّد القصبجي) يا نسيم الروح (مرسيل خليفة) الورد جميل (زكريا أحمد) يللي هواك (فريد الاطرش) دخلت مرّة في جنينة (مدحت عاصم) وكأنما كانت أخت فريد معنا في الصالة، نعم إلى هذا الحد، وبعد أسبوع تقريباً على حفل الصوت الأسمهاني سمية بعلبكي بإدارة عبد الله المصري وأيضاً مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية على خشبة بيار أبو خاطر - اليسوعية، يضاف إلى ذلك محطات مع: يا ليل طل (شعر أندلسي، ألحان عبد القادر الراشدي) يا جارة الوادي (شعر أحمد شوقي، ألحان محمّد عبد الوهاب) آمنت بالله (فريد غصن) وزودني بفرط الحب (شعر الشيخ الرباني إبن فارض، ألحان رشيد زروال).
كم يستكين الفؤاد ويأنس السمع لمطربات رقيقات، خفيفات الوقع على المسرح، هكذا هي كريمة، عود طري، تحب وتنفعل لكن ضمن حدود المنطق والعقل،وحين تنفعل عاطفياً، يعلو الصوت إلى مداه لكن الجسم يأخذ إستدارة بسيطة جداً ذات اليمين وذات اليسار، وتتبدى عن الحالة صورة الفنانة التي تحترم موهبتها، صوتها، أناقتها، أنوثتها، تعطي من أعماقها وترغب بلوغ أعماق الجميع من دون استثناء، ولا تبدو مهمتها صعبة أبداً، خصوصاً عندما يكون السميعة من طينة مختلفة يقدرون الأصوات الكبيرة، ويتفاعلون معها، وصولاً إلى حالة من الاستسلام تعني الدخول في عالمها، والتحليق حيث يجب من دون طرح أي أسئلة، فقط الاستمتاع والاسترخاء أو الإستسلام.
56 عازفاً، رقم كبير، يقفون خلف مطربة، ومن حق ضابط إيقاعهم، والعارف بما عليهم فعله واحداً واحداً أن يقال له: برافو، إنه المايسترو أندريه الحاج الذي قدم ليال متنوعة، لـ مرسيل خليفة، إيلي شويري، نصري شمس الدين، وغيرهم، أكد في كل المناسبات أكثر وأكثر أنه إبن مهنة، قادر على التنويع، والتواصل بقدر كاف من المهنية والمعرفة بحجم وقيمة من يلتزم لهم وبهم ومعهم لتقديم نتاجهم في إعداد يلحظ مواطن الإبداع والتجويد.
وهي مناسبة لتناول الأوركسترا الوطنية اللبنانية، سواء العادية أو الشرق عربية، أو الفيلهارموني، فكل ما نراه ونسمعه ونواكبه يصب في مصلحة هذه الفرق ومن باب أولى القول إنها تلعب دوراً رائعاً بإحيائها حفلات في بيروت وبعض الفنادق وكل ما تبتغيه تعميم الموسيقى وجعلها في متناول الجميع، ومجاناً، وإذا كان البعض يُعيد سبب الإقبال على الحفلات إلى مجانيتها فإن ما بدا لنا من نوعية الحضور في حفل كريمة بالأونيسكو، لا يعكس هذه الصورة ولا يدل عليها، بل إن الموجودين كانوا سميعة، وأصحاب ذوق فني رفيع، إذن فالرواد من طبقة خاصة تحب الفن، والفنانين، ومن يهتمون لـ نمو التوازن وبشكل خاص في مجال الاطلالات على جماهير من غير اللبنانيين.
كريمة حملت معها حصيلة 16 عاماً من الاحتراف الحقيقي للفن، وغنت كما يغني الكبار ويعبرون عن خلجاتهم في الأوقات الحسّاسة. هكذا فعلت كريمة التي ملأت الخشبة، وجعلت النّاس يرددون معها كل الأغنيات التي شدت بها الكل يتذكرون الكلمات، ويعرفون وقفات اللحن وانطلاقته، لذا فهم الأقدر على الانطلاق، واللمعان.
أجانب بيننا، إضافة إلى اللبنانيين، زيادة في محلها، يفترض ان نستثمرها بشكل جيد، ولا ندعها تفلت، بل الإستفادة منها قدر المستطاع. وكلنا نتعلم ممن هم مثلنا، أو أفضل أو أقل أهمية مما هو ظاهر للعيان.
لـ كريمة حس خاص يجعلها متميزة في الغناء، وفي الوقفة المسرحية، وفي الصورة بشكل كامل ولا نعتبر أن لها إسماً أكبر من الفعل. ونحن بحاجة لتواصل مع أهلنا في المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وغيرهم من الشعوب في المناطق القريبة والبعيدة، وكما قالت كريمة: قالوا لي في المغرب أنت ذاهبة إلى مكان بعيد إلى بيروت، وقالوا لي لاحقاً بأنني لست مضطرة لهذه الرحلة ورددت عليهم بأنني أتنقل في قلب عربي واحد..
رابط المقال
ساعتان من الأغنيات طغت عليهما صورة واحدة، هي لأسمهان، فصوت كريمة قريب جداً من جميلة العينين ومدهشة الصوت، الهنك نفسه، الأنفاس ذاتها وقيمة الصوت واحدة، بما يعني أنها غنت، أسقينها، إيمتى حتعرف (محمّد القصبجي) يا نسيم الروح (مرسيل خليفة) الورد جميل (زكريا أحمد) يللي هواك (فريد الاطرش) دخلت مرّة في جنينة (مدحت عاصم) وكأنما كانت أخت فريد معنا في الصالة، نعم إلى هذا الحد، وبعد أسبوع تقريباً على حفل الصوت الأسمهاني سمية بعلبكي بإدارة عبد الله المصري وأيضاً مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية على خشبة بيار أبو خاطر - اليسوعية، يضاف إلى ذلك محطات مع: يا ليل طل (شعر أندلسي، ألحان عبد القادر الراشدي) يا جارة الوادي (شعر أحمد شوقي، ألحان محمّد عبد الوهاب) آمنت بالله (فريد غصن) وزودني بفرط الحب (شعر الشيخ الرباني إبن فارض، ألحان رشيد زروال).
كم يستكين الفؤاد ويأنس السمع لمطربات رقيقات، خفيفات الوقع على المسرح، هكذا هي كريمة، عود طري، تحب وتنفعل لكن ضمن حدود المنطق والعقل،وحين تنفعل عاطفياً، يعلو الصوت إلى مداه لكن الجسم يأخذ إستدارة بسيطة جداً ذات اليمين وذات اليسار، وتتبدى عن الحالة صورة الفنانة التي تحترم موهبتها، صوتها، أناقتها، أنوثتها، تعطي من أعماقها وترغب بلوغ أعماق الجميع من دون استثناء، ولا تبدو مهمتها صعبة أبداً، خصوصاً عندما يكون السميعة من طينة مختلفة يقدرون الأصوات الكبيرة، ويتفاعلون معها، وصولاً إلى حالة من الاستسلام تعني الدخول في عالمها، والتحليق حيث يجب من دون طرح أي أسئلة، فقط الاستمتاع والاسترخاء أو الإستسلام.
56 عازفاً، رقم كبير، يقفون خلف مطربة، ومن حق ضابط إيقاعهم، والعارف بما عليهم فعله واحداً واحداً أن يقال له: برافو، إنه المايسترو أندريه الحاج الذي قدم ليال متنوعة، لـ مرسيل خليفة، إيلي شويري، نصري شمس الدين، وغيرهم، أكد في كل المناسبات أكثر وأكثر أنه إبن مهنة، قادر على التنويع، والتواصل بقدر كاف من المهنية والمعرفة بحجم وقيمة من يلتزم لهم وبهم ومعهم لتقديم نتاجهم في إعداد يلحظ مواطن الإبداع والتجويد.
وهي مناسبة لتناول الأوركسترا الوطنية اللبنانية، سواء العادية أو الشرق عربية، أو الفيلهارموني، فكل ما نراه ونسمعه ونواكبه يصب في مصلحة هذه الفرق ومن باب أولى القول إنها تلعب دوراً رائعاً بإحيائها حفلات في بيروت وبعض الفنادق وكل ما تبتغيه تعميم الموسيقى وجعلها في متناول الجميع، ومجاناً، وإذا كان البعض يُعيد سبب الإقبال على الحفلات إلى مجانيتها فإن ما بدا لنا من نوعية الحضور في حفل كريمة بالأونيسكو، لا يعكس هذه الصورة ولا يدل عليها، بل إن الموجودين كانوا سميعة، وأصحاب ذوق فني رفيع، إذن فالرواد من طبقة خاصة تحب الفن، والفنانين، ومن يهتمون لـ نمو التوازن وبشكل خاص في مجال الاطلالات على جماهير من غير اللبنانيين.
كريمة حملت معها حصيلة 16 عاماً من الاحتراف الحقيقي للفن، وغنت كما يغني الكبار ويعبرون عن خلجاتهم في الأوقات الحسّاسة. هكذا فعلت كريمة التي ملأت الخشبة، وجعلت النّاس يرددون معها كل الأغنيات التي شدت بها الكل يتذكرون الكلمات، ويعرفون وقفات اللحن وانطلاقته، لذا فهم الأقدر على الانطلاق، واللمعان.
أجانب بيننا، إضافة إلى اللبنانيين، زيادة في محلها، يفترض ان نستثمرها بشكل جيد، ولا ندعها تفلت، بل الإستفادة منها قدر المستطاع. وكلنا نتعلم ممن هم مثلنا، أو أفضل أو أقل أهمية مما هو ظاهر للعيان.
لـ كريمة حس خاص يجعلها متميزة في الغناء، وفي الوقفة المسرحية، وفي الصورة بشكل كامل ولا نعتبر أن لها إسماً أكبر من الفعل. ونحن بحاجة لتواصل مع أهلنا في المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وغيرهم من الشعوب في المناطق القريبة والبعيدة، وكما قالت كريمة: قالوا لي في المغرب أنت ذاهبة إلى مكان بعيد إلى بيروت، وقالوا لي لاحقاً بأنني لست مضطرة لهذه الرحلة ورددت عليهم بأنني أتنقل في قلب عربي واحد..
رابط المقال